يقول الناس دائمًا حين يكبرون “لم أعد اشعر بطعم العيد”، وقلتها من قبل ولكنني لم أعد أقولها بعد الآن. يومًا ما كنا أطفالًا نرى العيد قطع حلوى، عيادي، وملاهي، كنا نرى العيد بقزحيته المتسعة لتنهل كل الأضواء، كل الأنوار، كل الألوان، ومع الوقت كبرنا وبدأنا نُصَغّر من قزحيتنا، فتمسي الأضواء أقل حِدّة، واضعف وهجًا، كل ذلك بإرادتنا وبتحكمنا، فالعين وحدها تتحكم في الضوء النافذ لها لتظهر لنا الأشياء كما يجب، فنرغمها على أن لا ينفذ من الضوء إلا ما يكفي ليبقينا مستيقظين شبه ميتي الأحلام، كنا نرى الحلوى في الدكاكين في مستوى أفق أحلامنا الصغيرة، فكبرنا وصرنا نرى البائع فقط وتلمس أيدينا الحلوى دون أن تعرف طعمها الذي اعتدناه، وكل ذلك فقط لأننا لم نفهم معنى العيد من الارتفاع الذي بلغناه مع ازدياد عمرنا، الدنيا لا تخلو من المشاكل، والهموم تزاحم أفكارنا وتجثو على تفكيرنا الإيجابي فتمنعه من التنفس جيدًا، ولكن لا يعني ذلك أن نركن للتفكير بها طوال الوقت وطوال اليوم وكل دقيقة، علينا أن نسترخي، أن نرى العيد في أعين الأطفال، ننظر لبهجتهم، نتعلم منهم أن نبتسم لمن يعطينا يده كعيدية، أو يوزع علينا قطع حلوى على خدنا، أو يبقى يزورنا كبابا نويل ويوزع علينا هدية الأنسة والألفة والمحبة، ويطرد عنا الوحدة، علينا أن نرى كل الأشياء بعيني طفل أو طفلة همهما فقط أن لا تفارقه صوت بهجة مختلط بصرخة غامرة بالسعادة، غارقة في المرح والبراءة. حين نتعلم ذلك، سننسى كل شيء، سنعود أطفالًا؛ ولكن سنبقى في ذات الارتفاع الشاهق الذي نحن فيه، ونفرح بشكل يناسبنا.
26/10/2012
كل عام وأنتم بخير