def
هذا المشهد أكثر مشهد مؤثر رأيته، قبل هذا المقطع كان قد احضر والدا الطفل هدية مغلفة في يوم ميلاده عبارة عن لوح من الخشب لتقطيع الأكل عليه، بعد أن شاهده الطفل فرح به كثيرا ونهض من مكانه ليقبل والداه ويشكرهما، ثم قال لهما: انه سعيد جدا بالهدية وأنه متحمس لتقطيع بعض اللحم عليها ولم تبدو على وجهه أي ملامح أو تعابير استياء، بل كان يبدي لهما تقديرا ع الهدية ويشير إلى أنه ممتن لأنهما احضرا له هدية
بعد ذلك احضر الوالدان صندوقا آخر وأعطوه اياه، وحين قام بفتحه وجد بداخله الهدية التي كان يتمناها، لم يتمالك نفسه من هول المفاجأة وشدة الدهشة الممتزجة بالسعادة، لم يكن يحلم يوما أن والداه ذوي الدخل المحدود قد يحضرا له شيئا كهذا أبدا، وهو ما جعله متفاجئا ومبتهجا، ثم انهار في موجة بكاء متواصلة ونهض يحتضن والداه الذين حققا أمنيته، عاد ليفتح الهدية كاملة، ثم عاد ليبكي ليحتضن والديه مرة أخرى ليشكرهما ع هذه الهدية التي طالما كان يحلم بها.
أجمل ما في المشهد أن الطفل يقدر جيدا وضعهم المادي ولم يتذمر من الهدية التي اهدوه اياها في البداية بل وشكرهما بكل أدب وكل حب، وأن الطفل حين لم يتمالك نفسه من فرط البهجة احتضن والداه شكرا وتقديرا وحبا لهما، وبينما كان في موجة البكاء ذهب ليحتضنهما مرة أخرى في مزيج بين البهجة والبحث عن الدفء في صدريهما. هذا المزيج الفاتن من العلاقة بين الأبوين والابن لم يأت من فراغ، أتى من تربية وحب ومودة.
يأتيك أب يقدم لأبنه أحدث سيارة وأحدث هاتف ولكن لا ترى بينهما هذه الحميمية، ذلك كون الأب بعيد عن العاطفة والحب الأسرى بل هنالك جفاء وجفاف وفتور بينهم، وما أسميه الخجل العاطفي الاسري، الابن لا يعود ابنه على كلمة احبك، ولا عن حضن يحتوي ابنه فيه، والأم تجدها منصرفة بين وظيفتها وبين أمور البيت، مما يجعل الأبناء يبحثون عن تلك المشاعر والعواطف خارج جدران البيوت الصماء، والتي لا تعكس سوى صدى الفراغ العاطفي من حولهم.كي يحبك أبنائك يجب أن تمنحهم هذا الحب، ويجب أن تعودهم ع تقدير الهدية بأن تظهر بأنها نابعة من حب، وليس لمجرد التخلص من بكاءه أو لابعادك اياه عنك، أو ليحبك، الهدايا لا تحل محل المشاعر، ولكنها إن امتزجت بالمشاعر، كانت هي الدليل ع الحب.ويبقى هذا الطفل وأمثاله شاهدين ع أن الحب لا يخلق من عدم، والتقدير لا يزرعه سوى من يريد أن يحصده.

عطش لزخاتكم

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s