fe

عشر ساعات من المشي في شوارع نيويورك كامرأة، فيديو شاهدته قبل قليل لامرأة تسير في الطريق ترتدي ثيابا عادية، بنطالا وبلوزة وحقيبة ظهر، تسير لمدة عشر ساعات في شوارع نيويورك، تعرضت الفتاة لمائة حالة تحرش وأكثر، من أناس من خلفيات متعددة، دون حساب الصفير والإشارات والغمزات.

الطريف في الأمر، ليس الفيديو ومحتواه إنما تلك الصورة الملائكية التي يروج لها لبراليوا وملحدوا الشرق الأوسط عن الغرب بأنه شعب متفتح وأنه حتى لا ينظر لفتاة حتى ولو سارت عارية أمامه، ويصفون الرجل الشرقي بالرجل الذي لم ير خيرا في حياته، وأنه لو رأى عباءة يرتديها حمار لجرى خلفه وثار كما الثيران، وكأنه الرجل الوحيد في العالم الذي تشربته نزعة مطاردة شبح أنثى، وهذا إن دل، دل ع جهل بفطرة الإنسان وطبيعته رجلا كان أم امرأة، فكلاهما فطرا برغبات وأحلام ومتطلبات تملأ كينونته بالرضا والراحة والسعادة.

يظن هؤلاء الأفلاطونيون بأن الرجل الشرقي هو الوحش الكاسر والعنكبوت الآسر الذي بسببه لن تستطيع المرأة أن ترتدي ما تشاء من ثياب قصيرة ومنحسرة وضيقة وممزقة، وأنه ولهذه العقلية البشعة يحدث أن يتحرش هو بالفتاة حتى وإن لم تفعل أي شيء وارتدت ثيابا محتشمة – بحسب مفهوم الحشمة عند كل شخص – فهو بالتأكيد سيتعرض لها ويتحرش بها.

وهو إن دل كما قلنا دل على ضيق أفق وعدم فهم الطبيعة البشرية، وضعف إلمام بعلم الإنسان المعاصر أو القديم، فالبشر مفطورون على الانجذاب للطرف الآخر، المرأة للرجل والعكس، لهذا كلاهما مطالب بغض البصر لكي لا يقع أي منهما في فتنة الجمال، نعم الجمال فتنة وسبق أن كتبت في مدونتي أن الجمال مصيبة، وهي أكبر مصيبة تحل على شخص لما سيتعرض له في حياته من مشاكل بسببه، وقد ينجو منها من ينجو ويعيش حياته دون أي مشاكل، وأول من أثبت فتنة الجمال هو سيدنا يوسف عليه السلام، والذي كاد ليقع في شرك من راودته عن نفسها. الرجل تشده المرأة الجميلة والعكس بالعكس، لكن كل فرد من الأفراد سيعبر عن هذا الإنجذاب بحسب ما في شخصيته من تراكيب معقدة بنيت بحسب الظروف من حوله، فجعلته لطيفا ينظر إليها فيبتسم، ملتزما ينظر واحدة ويسحب نظره ولا يرتد إليها مرة أخرى، عاديًا فيحدق طويلًا دون أن تطرف عينه ولا حتى لذبابة حطت على جفنه، عنيفا فيترصد لها ويختطفها ليظفر بها، أو يطاردها ليرى إن إستطاع أن يتحدث معها ويأخذ رقم هاتفها وإن كلفه ذلك حياته بأن يمسك به أخوتها فيـ”يلعنون قفده”-اي يكسروا قفاه من كثرة الضرب-.

خلاصة القول، لسنا هنا نتحدث عن هذا عربي وهذا أعجمي وهذا أفلاطوني وهذا ذكوري، نحن نتحدث عن تعريفان يجب فهمهما قبل الثرثرة بكلام تافه لا يقبل به عاقل وهما الفطرة والبنية النفسية، الأولى وجدت فينا لما ذكر في القرآن بأوضح من الشمس التي نراها في كبد السماء (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا)، والآخرى هي ما كونته البيئة من مؤثرات داخلية وخارجية صنعت بها أخلاقنا لنتعاطى عبرها بشكل متفاوت تجاه أي شيء يشدنا، ونطرح من المعادلة المرضى النفسيين والمصابين باضطرابات عقلية وغيرهم من المجانين الذين مهما بلغ العالم من حولهم من جمال، سيرونه بشعًا أو سيرغبون في جعله بشعًا.

لذا لا أجد من مبرر سوى الجهل ليتم القاء اللوم ع الرجل الشرقي أو حتى المرأة الشرقية في أي تصرف كان حتى بعيدًا عن قضيتنا، فالتمييز بدون تفكير وفهم وتمحيص، حماقة. يجب أن نقرأ ونتعلم أكثر كي لا نقع في جدالات واتهامات لا معنى لها كهذه ينفيها وينكرها الواقع بهكذا فيديو يثبت أن 1+1 لا يساوى ما يحلو لنا كما يظن هؤلاء، وإنما لكل نتيجة لهذه المعادلة خلفية يجب فهمها.

عطش لزخاتكم

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s