100993308_4071555072855447_50682748818165044_n

رآها عند آخر رصيف في المدينة، ترتدي فستانًا أسودًا، كانت تمسح حزنها وهي تمضي مسرعة باتجاه طرف المدينة، ذهب خلفها فإذا بها تكمل سيرها على الرمال، استعصى عليها أن تسير بهذا الحذاء الرفيع، فخلعته ورمته، حاول أن ينبهها من خطر الذئاب التي تأوي وتعوي هناك، فأخذ يناديها دون ‏جدوى بل جعلها ذلك تهرول محاولة الإبتعاد عن مصدر الصوت دون أن تنظر إليه، كانت وهي تركض تضع يدها أسفل بطنها، هناك كان يسكن الكثير من الألم والكراهية والخوف، كانت تعلم أن هذا العالم لن ينصفها كما فعل مع ابنة عمها التي قتلها والدها رغم أنها كانت ضحية ميتتان، الأولى ممن اغتصبها، والثاني من أطلق رصاصة عليها.

وصلت إلى قمة جبل ‏بين الكثبان، وقفت على حافته وكانت ليلة بلا قمر، والنجوم تزين كل تلك السجادة السماوية، وقفت تتأمل المشهد، أخذت نفسًا عميقًا من مكانها ذاك، هنالك شعرت وكأنها تنفست لأول مرة. بينما هو يهرول خلفهًا وصل إلى سفح الجبل، وأخذ يناديها خوفًا من أن تلقي بنفسها منه، لكنها لم تصغي إليه ‏فقد كانت تصغي لصوت الحياة الذي يولد بداخلنا حين نجالس الظلام. وصل إلى قمة الجبل، وما أن رفع رأسها ناحيتها حتى سقط الفستان، وولد قمر فجأة في كبد السماء. بحث كالمجنون عنها ولم يجدها، أخذ يصعد وينزل دون جدوى حتى حل الصباح. أخذ الفستان وكان به شيء رطب، انتبه إلى أنها دماء، وعاد إلى بيته.

في اليوم التالي ‏‏سأل الناس أن يبحثوا معه عن فتاة مفقودة، وأخذ يصف شكلها، طويلة ورشيقة، وجهها كملاك يضي تحت مصابيح الطريق، شعرها أسود كلون سماء الأمس. لم يتعرف عليها أحد، ولم يصدقه أحد، وكان يقسم أنها حين اختفت ولد قمر جديد، ظن أهل المدينة أن الرجل جن جنونه فلم تكن ليلة قمرية أصلًا، ‏رغم أنه كان يقسم بكل ما يعرف ليصدقه الناس.

بدأ يذاع أنه فقد عقله، ولكنه كان مصممًا أنه ليس مجنونًا. لم يكف أبدًا عن البحث عنها، وكان يضع الفستان كل ليلة قمرية في قمة الجبل علّ القمر يستعيد فستانه يومًا ما.

عطش لزخاتكم

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s