جاء خبر قبول تعيينه في وظيفة مرموقة في أحد الشركات الكبرى في العاصمة في وقت كان يخطط فيه أن يبدأ مشروعًا مع مجموعة من أصدقائه؛ مما جعل فرحته بهذا الخبر ناقصة، فالمشروع الذي يفكر فيه يتطلب منه أن ينتقل إلى أحد الدول المجاورة، وبذلك يكون من المستحيل عليه أن يقوم بفعل الأمرين معًا. أصبح الآن في مفترق طرق وعليه أن يختار، إما الوظيفة المرموقة، وإما المشروع الواعد الذي كان يخطط له مع أصدقاءه لفترة طويلة.
استشار الجميع بهذا الصدد ولكنه لم يحصل على ردٍ مقنع، فأحدهم يخبره بأن الوظيفة أفضل والآخر بأن المشروع أفضل، وكأن الجميع اتفقوا على أن تكون الحصيلة هي تساوي الأصوات، وبقي صوته وحيدًا، عالقًا في المنتصف. أرهقه التفكير على مدى عدة أيام، وتمنى لو أنه يستطيع استبصار المستقبل ومعرفة أي الخيارات ستكون نتائجها كما يرجو، حياة سعيدة وممتعة وناجحة. كان ينام ويستيقظ وهو حائر بين الخيارين، حينها قرر أن يرمي بالنرد، ويجعل أحدهم يختار نيابة عنه، ذهب إلى أخته الصغيرة وقال لها: أريد منك مساعدة، أعلم أنه من الجنون أن اطلب هذا ولكن أنا محتار بين خيارين، ابتسمت وقالت: إذا اختر الأول. ضحك وقال: ولكنني لم أخبرك ما هي الخيارات. ابتسمت وقالت: أليس الأول دائمًا أفضل؟ حينها أدرك أن هذه الفكرة ليست جيدة، فقبلها ومضى.
الخيار الأول دائمًا أفضل، بقيت تلك الفكرة تراوده طوال الوقت، حينها شعر بأنها إشارة من السماء بأن عليه أن يختار الوظيفة، وكان ذلك.
سافر أصدقاؤه، وانشغل هو بوظيفته الجديدة، أخذ يترقى في سلمه الوظيفي، حتى أصبح رئيسًا للقسم الذي تم تعيينه فيه بعد عشر سنوات، كانت تلك العشر سنوات صعبة ومرهقة بالنسبة له، الكثير من الاجتماعات والسفريات والعمل، لم يكن يلتقي بأحد، فلم يملك متسعًا للوقت ليكون علاقات خارج إطار العمل أو حتى أن يتواصل مع أحد سوى مجموعته التي باشرت المشروع والتي انقطع عنها بعد عدة سنوات.
جاءه اتصال في أحد الأيام، كان صديقه رامي يخبره بأنه في إجازة لزيارة الأهل وعاد معه أثنين من أصدقائه. سر جدًا بالخبر، واستطاع أن يوجد متسعًا من الزمن للقائهم، جلسوا في أحد المطاعم يتناولون الغداء والمشروبات، ويسرد كلًا منهم ما جرى في العشر سنوات الماضية، لم يستغرب كثيرًا من النجاح الذي بلغه المشروع ومدى توسعه، أخبره رامي بأنه قد تزوج وأنجب طفلين، وسأله عن حاله، كان سعد شارد الذهن، فقد كان يشعر ببعض الغبطة والغيرة، فكل ما جناه من عمله هو الكثير من التعب، حتى أنه لم يجد مساحة ليبحث عن شريكة حياة، لأنه لم يشعر بأنه يستطيع الاستقرار بعد. في ذلك المساء عاد حزينًا يفكر كيف كان حاله لو أنه اختار السفر مع أصدقائه.
استيقظ في اليوم التالي وقد جاء خبر قبول تعيينه في وظيف مرموقة في أحد الشركات الكبرى في العاصمة، في وقت كان يخطط فيه أن يبدأ مشروعًا مع مجموعة من أصدقائه، وبعد تفكير طويل في الأمر وحيرة وأمانيه بأن يستبصر المستقبل، قرر في النهاية أن يرمي بالنرد، ذهب إلى أخته الصغيرة وقال لها: أريد منك مساعدة، أنا محتار بين خيارين، ابتسمت وقالت: إذا اختر الثاني. ضحك وقال: ولكنني لم اخبرك ما هي الخيارات. ابتسمت وقالت: أليس الثاني دائمًا أفضل؟ حينها أدرك أن هذه الفكرة ليست جيدة، فقبّلها ومضى.
الخيار الثاني دائمًا أفضل، بقيت تلك الفكرة تراوده طوال الوقت، حينها شعر بأنها إشارة من السماء بأن عليه أن يختار السفر، وكان ذلك.
سافر مع اصدقاءه، واجهوا صعوبات كبيرة في تأسيس الشركة، ولكنهم استطاعوا أن ينجحوا في ذلك، كانت الفترة الأولى من التأسيس مزدهرة، ومكللة بالنجاح، ولكن مع الوقت بدأت الخلافات تدب في المؤسسة، وتم فض الشراكة، وانفصل هو وصديقه رامي وقاموا بتأسيس شركة أصغر، كانت بالكاد تدر عليهم بعض الأرباح، وبعد عدة سنوات قرر العودة إلى بلده، وأثناء رحلته كان لديه الكثير من الوقت ليفكر في الطريق الذي سلكه وكيف أنه ضيع عليه فرصة وظيفة مضمونة في شركة مرموقة من أجل مشروع لم يكتب له النجاح، وعليه الآن أن يبدأ مرة أخرى، وصل إلى البيت عاد وأخذ يحدق في السقف وأمنياته لو أن الزمن عاد به واختار أن يعمل في الشركة.
استيقظ في اليوم التالي وقد جاء خبر قبول تعيينه في وظيفة مرموقة في أحد الشركات الكبرى في العاصمة، في وقت كان يخطط فيه أن يبدأ مشروعًا مع مجموعة من أصدقائه، وبعد تفكير طويل في الأمر وحيرة، قرر أن يرمي بالنرد، ذهب إلى أخته الصغيرة وقال لها: أريد منك مساعدة، أنا محتار بين خيارين.
قصة رائعة و أحيانا تكون الخيارات عذاب نفسي، لأنك إذا فشلت سوف تفكر دوماً ماذا كان سيحدث لو قمت بالاختيار الثاني !!