أمي استيقظي

560717_400794989950297_321958792_n

أمي استيقظي
هلّا نهضتِ؟
أمي إسمعيني
أتذكرين بالأمس
صوت القذائف
والرصاص يعبر
خلفها؟
أوتذكرين؟
أو تذكرين
النار بقربها؟
أم لم تعودي تذكرين
؟

صوت آهات النساء
وصرخات اليتامى
وحتى
إحتضار المساكين
وأنات الإناث
تسمعين
وذاك الحنين
أوَتذكرين؟

صمت أجساد
الصبايا
وبقربهم
أغلفة الهدايا
وفي اعناقهم سكين

أمي هيا أنهضى
فقد تهدم بيتنا
والهواء في هذا
الشتاء يفصل بيننا

أمي إنهضي
أوَلا تستعيذي بالرحيم
من الرجيم؟

فوقنا السماء تمطر
سقفنا
بالصواريخ
لتثمر الأغصان
موتاً عظيم

هيا إستيقظي
لنضع الأواني
لساعاتٍ وثوانٍ

فالأرض أضحت تحتنا
مبللة
بدماء إخوتي
وجيراننا وأجساد المسنين

أمي أنظري
من هنا عبروا
من فتحة سقفنا
وجاؤونا ضيوفاً
ميتين

أمي أوتذكرين ابن جارتنا
صلاح الدين؟
خالتي تنادي عليه الآن
إسمعي !!
هل تسمعين؟

إن لم تكوني قد سمعتي
فأنظري من ثقب حائطنا
ولوحي لها فقد تراكِ
تسلمين وتبتسمين.

أنظري ليدها ذاك ابنها
ملطخ وجهه
بجرحٍ أليم
يجعل قلب الناظرين له سقيم

أمي
خبرته أن لا يسرق
من الدكاكين

خبز يخفيه أحياناً
وسكاكر وبضع
عجين

وأحيانا يناولني
الليمون والتفاح
وقطع من اليقطين

يا أمي
مالك لا تردين
ولا تجيبين

أنا جائعٌ وأشعر ببرد
وأنا المشرد تحت الركام سجين

أمي هلّا أزحتِ السقف عن صدري
تعبت حقاً من حمله
فأرحميني فالألم حقاً
لعين لعين لعين

أمي أوَ أحلم أنا
أم أنت من تحلمين

أم حقاً الموت يزحف نحونا
بوجه حزين

أمي إن إستيقظت أقسم أنني
سأتفل ثلاثاً ثم أستعيذ من الرجيم

فالحلم لا يبدو جميلاً
ففي فحواه أنني أموت
وأنتِ مُتِ أو تموتين.

واحدة تشبهني

20140913_152439_1

سئمت قول أشياء لا تصافح الحقيقية وتدبر عنها دائمًا، لهذا علي اليوم أن أقف وأمد يدي لها. أنا ومذ امتهنت الرحيل أجدني أتمنى العودة وانظر خلفي أحاول رؤية النقطة التي تركتك فيها ولكنني لا أرى سوى أفق الفراق، تغوص قدمي في رمال الأشواق، وتحرقني شمس الفقد ولا أجد أي ماء استسيغه سوى ذلك الواقر في عين الذكريات مالحٌ طعمه، حارق مذاقه أحمر لونه. كنت مضطرًا لحمل كل حقائبي معي، كي لا أعود متحججًا بشيء نسيت معك، حقائبي الأربع كانت أثقل من أن تجعلني أسرع الخطى مبتعدًا.

سيدتي كنت أعلم أن الفراق كان هو أقوى صوت سيخرج من بين ضحكاتنا وغزلنا وهمسنا ولمسنا، كنا نماطله ونغفل أعيننا عنه ونغلق آذاننا عن رؤيته وأعيننا من سماع الحزن الذي سيجلبه، أستطيع أن أصفنا بساق لبلاب، قطعت الظروف أطرافنا أكثر من مرة وكنا نعاود تسلق تلك الجدران حتى نسترق النظر لما خلف سور الحياة علنا نبصر انعكاس لقطعتي شطرنج ملونتين تختارين أنتِ لون بهجتنا وأنا لون الحزن لنثبت أننا المزيج الذي سيستمر مهما طغى لون على لون، أوليس على هذا يقسمان حين توضع الحلقات حول أصابعنا؟ ورغم كل ذلك الضجيج الذي اكتنف أروقتنا كان صدى الفراق أقوى من أن نتجاهله، ففصل بيننا زجاج شفاف. أذكر أنك كنت تحركين شفاهك، ولا أسمعك، وتمررين دمعك ولا امسحه، وتضعين كفك على الزجاج فلا تصل يدي ليدك، كل ذلك كان كفيلًا بأن يعلن رحيلنا نيابة عنا.

سيدتي، كنت ألمح دائمًا بل وأصرح كثيرًا بأنني قد نسيتك ولم يعد في سمائي شمس تبدد غيومي الداكنة وتمنع مطرها من الهرب حين تعصف بي ريح شديدة، كنت تهمسين لي بما يقوله الجميع، ثم تضيفين حزنك وقلقك ودموعك وتخبرينني بثقة وبنبرة أقرب للدعاء أن كل شيء سيكون على ما يرام. سيدتي كنتِ حين أكون في أول الربيع وأشد فتراته إزهارًا تجيدين سقياي فلا يجف ربيع البهجة والفرح بداخلي أبدًا، كنت تقولين ما يقوله الجميع، ثم تضيفين اهتمامك ومودتك وحبك، وهذا جعلك مختلفة لا تشبهين أحدًا من حولي أو حولك.

كانت مشاعري كالحديقة، وكنتِ أنتِ الحياة فيها، كنتِ أنت تغاريد الطيور وأجنحة الفراشات، وأزيز النحل، كنتِ الصوت الذي يعيد الروح، والعشب الأخضر الذي يداوي النفس والجروح. كنت كل شيء، الآن أنتِ في المعادة شوق وحنين وذكريات وحزن دفين، أستعيدك للحظات وأنساك لأيام، وما بين الإثنين أكون تائهًا لا يهتدي لطريق. لا أريد شيئًا منكِ، أريد فقط أن أخبرك أن تعرفي أنني أعيش تلك اللحظة التي قلت لي فيها لن تجد واحدة تشبهني، لن تجد واحدة تشبهني، لن تجد واحدة تشبهني.

وصلت لنهاية الرحيل يشوبني بعض ازرقاق في روحي، واختناق في قلبي، وضيق في صدري، أفتش في صناديقي عن رائحة اللقاء الأخير، عن أي شيء أستعيد فيه لحظة كنت فيها بين يديك. أغلق الباب الآخر المؤدي إليك، وألقي بمفتاحه داخل هذا النص، وأضع النص داخل صندوق ألقيه في اليم فيحمل ذكراك بعيدًا عني، وأعود أنا بذاكرة جديدة، لا تحمل شيئًا يخصك، كي لا أبحث عن أخرى تشبهك.

ارتدي قناعك

DSC_2025

ارتدي قناعك

فماذا يهمك؟

أنا !!

لا يهمك هذا الشخص

فهو أول ما تتخلين عنه

يتسرب من جوفك

وكأنه دخان

طرده مدخن عبر

ثغره الموارب

بل ماء

ذاب في قبضة

قاسية

لم تدري كيف تحتويه

بل حتى هواء تخلى

عن رئتي مريض

مر

كالعطر بأنفه

وفارقه

مع روحه

ارتدي قناعك فماذا

يهمك؟

جرحي !

لا يهمك هذا الجرح

فجروحك كثيرة

وهذا فرد في جماعة

بل جماعة في مجاعة

يرقصون رقصة المطر

عل السماء تمطر

رغيفًا

فتمطرهم

جوعًا

وعلى مثلي

جروحًا غائرة

لا تغادر جسدي

ولا قلبي

ولم يسلم حتى

طيفي

الذي لم يتقن التحليق

في حضورك

ارتدي قناعك

فماذا يهمك؟

حزني !

كأنك لا تعرفين طعمه !

أنت صانعه

أنت الطباخ

الذي يتذوقه ويلونه

كيفما يشاء

ثم يلقى الثناء

جارسون لا يعرف

أحدًا

والكل يناديه

ب “هيي” أو يصطنعون

له اسمًا صوتيًا ك “فيو”

خارجًا من بين طيات لسان

وثغر عابث بالهواء حوله

ثم يلام على كل شيء

على الطعم

والشكل

وعلى الشعرة

التي سقطت فيه

وأنتِ بعيدةٌ عن كل هذا

فلن يميزك أحد

فحقيقة قناعك لا

يعرفها سواي

ارتدي قناعك

فماذا يهمك

سوى نفسك وعالمك

وسأبقى أنا انظر

إليك مجردة

من كل شيء

حتى من ثياب

الأنوثة ذات الماركة

المزيفة

ارتدي قناعك

فماذا يهمني

فما عاد يهمني شيء

سوى نفسي

التي ابتغي أن تعود لي.